تصدرت تطبيقات تتبع المخالطين المشهد لأسباب وجيهة. حيث وضعت هذه الجائحة العالم بأسره في حالة حصار وأصبح كل قطاع من قطاعات الحياة في حالة شلل تام. وفي ظل غياب لقاح أو حتى علاج لهذا الفيروس، تحولت أنظار العالم صوب التدابير التي من شأنها الحد من انتشار فيروس كورونا. وكانت التكنولوجيا إلى جانب الرعاية الصحية في خط الدفاع الأول في معركتنا الطويلة ضد الوباء.
دعونا نلقي نظرة على حالات الاستخدام المختلفة للتكنولوجيا حيث تم توظيفها لمجابهة فيروس كورونا ثم بعد ذلك نستعرض التفاصيل المتعلقة بتطبيقات تتبع المخالطين والوقوف على مدى نجاحها.
تتبع المخالطين في دور رعاية المسنين
صممت شركة كير بريدكت، وهي شركة رعاية صحية رقمية تستهدف المسنين من المواطنين مجموعة من أدوات التتبع المصممة خصيصًا من أجل كبار السن الذين يعيشون في مرافق خاصة بهم (دور رعاية المسنين). تم تسمية هذه الأداة باسم (PinPoint)؛ أي أداة التحديد الدقيق وتنطوي على أربعة أنواع من التتبع وهي:
تستخدم أداة PinPoint تقنية لتحديد الموقع داخليًا لتمكين وظائف التتبع المذكورة أعلاه.
التبرع بالبلازما
قامت شركة ميكروسوفت بتطوير روبوت محادثة تفاعلي جديد للتواصل مع المرضى المتعافين من الإصابة بفيروس كورونا. يتحقق هذا الروبوت مما إذا كان المرضى يرغبون في التبرع بالبلازما لأغراض البحث والمساعدة في إيجاد علاج لهذا الفيروس.
أطلق على هذا الروبوت اسم روبوت التبرع بالبلازما ( كوفيد-19) وبغض النظر عن الموافقة على التبرع بالبلازما، فإنه يتحقق من تفاصيل ضرورية أخرى مثل تاريخ التعافي والخروج، وحالة نقص المناعة وفصيلة الدم والوزن. وبمجرد أن يقوموا المشاركين بتزويد الروبوت بهذه المعلومات وبالرمز البريدي الخاص بهم، سيرشدهم التطبيق إلى مكان أقرب مركز للتبرع.
إيجاد مرضى لإجراء التجارب السريرية
قامت شركة كلارا هيلث بتصميم أداة تعمل على إيصال الأشخاص بالتجارب السريرية لعلاجات فيروس كورونا. يهدف المنتج الذي أُطلق عليه (World without COVID) أي؛ عالم خالٍ من فيروس كورونا إلى تسريع عمليات إيجاد اللقاح وأشكال أخرى للعلاجات.
تحديثات الدنمارك
قامت شركة نت كومباني، وهي مزود لخدمات تكنولوجيا المعلومات، بالتعاون مع الحكومة الدنماركية بابتكار حلول رقمية تهدف إلى تخفيف قيود الحظر الوطني. وتضمنت بعض التطبيقات باعتبارها جزء من الحلول الرقمية مقياس للإصابة بفيروس كورونا (يُساعد الناس في تشخيص أعراض الإصابة بالفيروس) وتطبيق Mobile proximity ( يقيس مدى انتشار فيروس كورونا).
تطبيق ارسل لي رسالة
قامت شركة باندو هيلث بالمملكة المتحدة بتصميم تطبيق يسمح للموظفين الذين يعملون في القطاع الطبي بالتواصل بشكل آمن مع بعضهم البعض. يتيح ذلك لموظفي الرعاية الصحية مشاركة الاقتراحات ونتائج الفحص والنتائج المعملية والتحديثات الأخرى. تم إطلاق التطبيق في البداية في عام 2018، لكن انتشر استخدامه بعد بدء الجائحة، وشهد استخدامه قفزة بنسبة 700٪ في حركة المرور. كما تمت الموافقة على التطبيق من قبل الخدمة الصحية الوطنية في المملكة المتحدة.
البحث عن الأدلة
عملت كل من مؤسسة اتنشن وهيلت فيرتي من أجل إطلاق مجموعة جديدة من الأدوات التي تهدف إلى تمكين شركات تصنيع الأدوية من إيجاد علاجات ممكنة لفيروس كورونا. ومن إحدى هذه الأدوات منصة "الدليل في الوقت الحقيقي" والتي تعمل على مزج استخدام البيانات بأمان وفعالية. كما توجد أداة أخرى "الميل في الوقت الحقيقي" وتتمثل وظيفتها في إعداد تقارير الميول في الوقت الحقيقي وواضع تصور البيانات التفاعلي الذي يتناول بالوصف فيروس كورونا بصفة عامة ويسرد الطرق التي يستخدمها المرضى للاستفادة من الرعاية الصحية.
الواقع الافتراضي لتقليل الضغط والتوتر
يقع على عاتق الأطباء وطواقم التمريض وغيرهم من موظفي الرعاية الصحية العبء الأكبر في مواجهة فيروس كورونا. حيث تعيَّن عليهم العمل لساعات طويلة، وفي بعض الأحيان العمل دون أن يأخذوا أي قسط من الراحة وتقديم الرعاية لمئات المرضى. علاوة على ذلك، تعرض العديد من الأطباء أنفسهم للإصابة بالفيروس ولسوء الحظ توفي عدد قليل منهم جراء إصابته بالفيروس. إن مقدار الضغط والتوتر الواقع على كاهلهم لا يمكن تخفيفه ولكي نساعد موظفي الرعاية الصحية في التعامل بشكل أفضل مع هذا التوتر، قامت شركة ليمبكس إيطاليا الإيطالية بابتكار جهاز واقع افتراضي يُحمل على الرأس يتميز بالإبداع. يحتوي هذا الجهاز على تقنيات تنفس موجهة تهدف إلى تقليل التوتر والقلق لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية.
أداة الأشعة السينية
طورت شركة كيور. إيه آي، وهي شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي برنامجها التشخيصي الذي يقيس مدى سرعة انتشار الفيروس في الجسم من خلال استخدام بيانات الأشعة السينية على الصدر.
التوعية بالصحة النفسية
تنظم شركة هيمز آند هيرز، وهي شركة لتقديم الخدمات الصحية عن بُعد والوصفات الطبية عبر البريد الإلكتروني، جلسات علاجية عن بُعد لمساعدة الناس والمرضى في التعامل مع التوتر المرتبط بفيروس كورونا والتغلب عليه.
بيانات فيسبوك من أجل الخير
من خلال برنامجها الذي أُطلق عليه "البيانات من أجل الخير"، أنشأت منصة فيسبوك ثلاث خرائط تهدف إلى تتبع انتشار فيروس كورونا. تستخدم الخريطة بيانات فيسبوك المُجمّعة بالإضافة إلى البيانات التي تم جمعها من منظمات الصحة العامة.
تطبيقات تتبع المخالطين: كيف تعمل
والآن، دعونا نحول تركيزنا إلى تطبيقات تتبع المخالطين التي تساعد السلطات في تحديد الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا وعزلها.
تتمثل الفكرة الرئيسية لتطبيق تتبع المخالطين في السماح للناس بمعرفة ما إذا كانوا بالقرب من مريض بفيروس كورونا. تستخدم هذه الأداة تقنية البلوتوث وتيسر على السلطات تتبع الحالات المشتبه بإصابتها ووضعها في الحجر الصحي.
يعمل التطبيق عندما يختار المستخدمون الذين قاموا بتثبيت التطبيق طواعية تسجيل تفاصيل الأعراض التي يشعرون بها عند مرضهم.
حيث يرسل التطبيق بعد ذلك إشارة صفراء للأشخاص الذين لديهم التطبيق أيضًا ممن كانوا على اتصال وثيق بالشخص الذي كان مريضًا. وإذا تم تأكيد إصابة الشخص بفيروس كورونا، فإن الإشعار الأصفر يتحول إلى اللون الأحمر وينصح جميع الأشخاص الذين تلقوا الإشعار الأصفر في البداية والذين كانوا على اتصال وثيق بالشخص المريض بعزل أنفسهم على الفور والدخول إلى الحجر الصحي.
يُرسل التطبيق تنبيهات لكل شخص في قائمة جهات الاتصال الخاصة بالشخص المصاب. ومع ذلك، لن يعرف الناس من هو الشخص المصاب أصلاً. لن يتم ربط السجلات بأسماء الأشخاص ولكن التطبيق سيستخدم معرفات مجهولة مرتبطة بالجهاز. وبهذه الطريقة تظل هوية الشخص المصاب سرية.

صرحت شركتي أبل وجوجل اللتان تعملان على تطوير البرنامج بأن النظام يمكنه تسجيل البيانات القريبة إذا كان مستخدمو الهواتف الذكية على بعد قدمين من بعضهما البعض ولمدة زمنية تصل إلى 10 دقائق. يمكن لتقنية البلوتوث المستخدمة في التطبيق تحديد موقع هذه الأجهزة من مسافة تصل إلى 15 قدمًا. سيتم إنشاء التطبيق على خطوتين. في الخطوة الأولى، ستكون هواتف آيفون وأندرويد قادرة على تبادل المعلومات لاسلكيًا للتطبيقات التي صممتها السلطات الحكومية فقط. أحد هذه التطبيقات التي تم إطلاقها في الهند هو Arogya Setu (أروغيا ستيو). وفي الأشهر المقبلة، تسعى شركتي آبل وجوجل إلى دمج هذه التقنية مباشرةً في أنظمة التشغيل الخاصة بهما. وبهذه الطريقة سيتسع مدى وصولهم متعدد الجوانب وبالتالي ستزداد فعالية هذه التقنية بشكل كبير.
ومن الأهمية بمكان التنويه على أن هذه الوظيفة ستكون متاحة فقط على تطبيقات الصحة العامة ولن يتم إساءة استخدام بيانات المستخدم (والتي تكون في الغالب شخصية بطبيعتها). أكدت شركتي آبل وجوجل أنه سيتم التعامل مع البيانات طبقًا لأعلى المعايير الأخلاقية والأمنية.
الأفكار النهائية
نجحت التكنولوجيا الحديثة في إيجاد طرق جديدة لمجابهة فيروس كورونا. حيث تم ابتكار أفكار إبداعية سريعة ولا يقتصر اعتمادنا على التكنولوجيا فقط على إيجاد حالات الاشباه في الإصابة بفيروس كورونا والحفاظ على أمان الأشخاص غير المصابين بل يمتد أيضًا إلى العثور على علاج محتمل. فضلاً عن ذلك، تقدم التكنولوجيا أيضًا المساعدة لأطبائنا وممرضينا بكافة الطرق والسبل المتاحة.
إن التكنولوجيا في طريقها لتكون حليفنا الأعظم خلال حربنا الضروس مع هذا الفيروس وهي من يعيننا على الإبقاء على حيوية آمالنا حيال عودة الحياة الطبيعية بسرعة.